الأربعاء 12 نوفمبر 2025 | 10:11 م

«نصرة الإسلام» تحاصر باماكو.. دراسة لـ«ماهر فرغلي» تكشف خريطة تمدد الجماعات المتطرفة في الساحل الإفريقي


في بحث موثق بعنوان «توسع الجهادية في دول الساحل.. الحواضن، والخارطة، وكيفية المواجهة»، كشف الباحث ماهر فرغلي عن تفاصيل دقيقة حول جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تحاصر العاصمة المالية باماكو اليوم، وتعد الذراع الأخطر لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل الإفريقي.

وأشار البحث إلى أن الجماعة تشكّلت عام 2017 من تحالف ضم عدة تنظيمات متشددة، أبرزها أنصار الإسلام، وجبهة تحرير ماسينا، والمرابطين، والتوحيد والجهاد، تحت قيادة القيادي الطوارقي إياد أغ غالي، الذي أعلن مبايعته لتنظيم القاعدة.

حكم ذاتي وتوسّع عرقي

خلال السنوات الماضية، عملت الجماعة على فرض حكم ذاتي في المناطق التي سيطرت عليها شمال مالي، مع سعيها لتوسيع حواضنها الاجتماعية والانطلاق من منطقة ليبتاكو – غورما، الممتدة بين شمال مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
واستغلت الجماعة النسيج القبلي المعقد في المنطقة، إذ ركزت على قبائل الفولاني والطوارق والغورما، والمجتمعات العربية والسونغاي والبمبارا والدوجون، لتوسيع نفوذها وبناء قاعدة شعبية تحمي تمددها الجغرافي والمالي.

القيادة الأخطر في الساحل والصحراء

يقود الجماعة إياد أغ غالي، وهو دبلوماسي سابق شغل منصب سفير مالي في السعودية، قبل أن يتحول إلى أبرز وجوه التطرف في الصحراء الكبرى، وأدرج اسمه على قوائم الإرهاب الدولي.
وينحدر أغ غالي من قبيلة إيفوغاس الطوارقية في شمال مالي، وله امتدادات اجتماعية حتى جنوب الجزائر وغات الليبية.
ويعاونه أمادو كوفا، الرجل الثاني في التنظيم وزعيم كتيبة ماسينا، المنتمي لقومية الفولاني بوسط مالي، والذي يتبنى خطابًا متشددًا ضد الجيش والمدنيين على حد سواء.

من داعش إلى السيطرة الكاملة

بين عامي 2020 و2023، خاضت الجماعة معارك شرسة ضد تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وتمكنت من إخراجه من معاقله، وتوحيد صفوفها بعد فترة من التوترات التنظيمية.
وطوّرت «نصرة الإسلام» نظامًا إداريًا وعملياتيًا جديدًا يقوم على توازن بين الاستقلال المحلي والتنسيق المركزي، بما يسمح لكل فصيل بالاحتفاظ بقدر من حرية الحركة، مع الحفاظ على الولاء لقيادة التنظيم الأم.

هيكل قيادي متماسك

قسّمت الجماعة هيكلها إلى ثلاث طبقات رئيسية:

أولا: مجلس الشورى (القيادة المركزية) الذي يضع التوجهات الاستراتيجية العامة.


ثانيا: الأمراء الإقليميون المشرفون على العمليات في نطاقات محددة.


ثالثا:  قادة المناطق المحليون الذين يديرون تفاصيل الأنشطة اليومية.

ويتيح هذا النظام إحكام السيطرة على الفصائل المنضوية تحت التنظيم، وضمان التواصل المستمر مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمنظمات المتحالفة.

حدود ملتهبة ونفوذ متزايد

تحاول الجماعة استغلال الحدود المفتوحة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، خاصة في مناطق تيليا وأولام وبانيبانغو، لبناء ممرات آمنة لعملياتها العسكرية ونقل الإمدادات.
كما تنشط في مقاطعات غوثيي وتورودي غرب النيجر، حيث تستخدم المتنزهات الطبيعية كملاجئ ومعسكرات تدريب، وتفرض سيطرة فعلية على أجزاء واسعة من المنطقة المعروفة بـ«المثلث الحدودي».

وفي بوركينا فاسو، تمتد سيطرتها إلى مقاطعات أي بام، ولوروم، ونامينتينغا، وسانمينتنغا، وياتنغا، التي تحولت إلى مراكز رئيسية لعمليات الجماعة.
أما في وسط مالي، فتُعتبر مناطق موبتي، باندياجارا، بانكاس، وجيني معاقل رئيسية لحركة ماسينا التابعة لها.

ذهب الساحل.. مصدر التمويل الأخطر

بحسب الدراسة، تركز الجماعة على السيطرة على مناجم الذهب في مناطق مثل كايا، خامس أكبر مدينة في بوركينا فاسو، والتي تضم ثلاثة مناجم صناعية وعشرات المناجم الحرفية.
وتعتبر هذه المناجم شريانًا ماليًا رئيسيًا للتنظيم، إذ تموّل عملياته العسكرية وتمدّه بموارد ثابتة بعيدًا عن المساعدات الخارجية.

خريطة جديدة للجهادية في إفريقيا

يوضح فرغلي في بحثه أن نصرة الإسلام نجحت في فرض نفسها كقوة مهيمنة في الساحل، بعدما وحدت الخطاب والقيادة وكسرت شوكة داعش.
وتشير خريطة تمددها إلى أن العاصمة المالية باماكو أصبحت محاصرة فعليًا من الشمال والغرب، وأن التنظيم يسعى إلى تحويل مناطق نفوذه إلى كيان موازٍ للدولة المركزية.

يخلص البحث إلى أن المواجهة مع «نصرة الإسلام» لا يمكن أن تكون عسكرية فقط، بل تحتاج إلى إستراتيجية شاملة تعالج الحواضن الاجتماعية والاقتصادية التي تنمو فيها التنظيمات الجهادية.
ويحذر من أن استمرار ضعف الدول في منطقة الساحل سيحوّلها إلى ملاذ آمن دائم للإرهاب الدولي، يمتد تأثيره إلى شمال إفريقيا والعالم العربي.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image